top of page
Search

من تجارب الحياة / سردية للكاتبة انتصار الحسين / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • Writer: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • Mar 18
  • 2 min read



تجارب الحياة

بقلم: انتصار الحسين

في رحلتي، كنت أحمل في قلبي ثقلاً من البشر، أرفعهم من أعماق القاع، أحاول إعادة إشعال شمعة الأمل في نفوسهم، وأخرجهم من ظلمات اليأس إلى نور الأمان. لم يكن فيهم بريق الطموح، ولا شغف العمل، ولا يعرفون لذة العطاء. بينما كنت أسحبهُم ليرتَقوا إلى قمم العطاء، كانوا يحفرون حولي بلا هوادة، كأنهم يريدون أن يسقطوني في أعماق اليأس التي كنت أحاول إخراجهم منها.

كانوا يحاولون طمس نوري الذي أقدّمه لهم، وطمس صوتي الذي كان يدعوهم إلى التغيير. لا أعلم، هل هذا جزاء الإحسان، أم مرض يصيب من تمسك بيده؟ حين يرى نفسه يرتفع قليلاً، يحاول قتل ماضيه والتمرد على الأيدي التي ترفعه، كأنها أجنحة تحمله إلى سماء لا يريد أن يصل إليها.

يرفض أن يدرك الحقيقة التي تُظهر له مدى بعده عن النجوم التي يرغب في لمسها، رغم أن النور الذي يرفعه هو الذي سيجعله يرى هذا البعد بوضوح. أم هو مرض التسلق، فيعتبرك خطوة إلى طريق يريده، يجب ألا يلتفت لها، فنظرهُ خلفه يُشعره بمدى ضعفه، ويُذكره بأنه ما زال بعيدًا عن النجوم التي يرغب في لمسها، وبالتالي يرفض أن يلتفت إلى الماضي الذي يُذكره بضعفه.

لكن في النهاية، الجحود سيولد الكثير من التراكمات، والإنسان لابد أن يحتاج إلى سلم الصعود الذي صعد عليه. ربما يكون ممن يخاف الأماكن العالية، أو من لديه فوبيا المرتفعات، وحينها لن يجد سبيلًا إلى الرجوع ولا الصعود، وسيحترق في مكانته، محبوسًا بين جدران من الشك والخوف، يبحث عن مخرج من لا نهاية له.

ولكن إذا سُئلت، هل ندمت لأنك أعطيت الضوء لمن لا يستحقه؟ أقول لا، فالتجارب تنمي للإنسان وتزيد فهمه لطباع البشر، وتولد مزيدًا من الحكمة. إنها رحلة تُعلمك أن تُدير ظهرك للظلام، وتُقبل على النور الذي يبقى معك دائمًا، وتدرك أن هذا النور هو الذي سيجعلك تُحس بالحياة، وبالتالي تُحس بالعطاء والهدف.

وأخيرًا، أنظر من بعيد وأرى أكثرهم يتساقطون حين خفت انعكاس الضوء المكتسب من الآخرين عليهم. فضوء الآخرين المكتسب لابد أن يضأل، ولابد أن تعود عتمتهم، فالاكتاف لا تحمل الآخرين طويلاً إلى أن توصلهم إلى المقبرة. يجب أن يجدوا طريقهم بنفسهم، ويحملوا أوزارهم بأنفسهم، حتى يدركوا قيمة النور الذي يبقى معهم دائمًا، ويُحسوا بالحياة التي تُشعرهم بالعطاء والهدف.

في النهاية، أدركت أن النور الذي أعطيته لهم لم يكن لي، بل كان نورًا مُقترضًا من النجوم التي أردت أن ألمسها، ولكنهم لم يدركوا قيمته، وبالتالي لم يستطيعوا أن يحتفظوا به.

 
 
 

Comments


موقع فنون الثقافي

©2024 by موقع فنون الثقافي . Proudly created with Wix.com

bottom of page