مقام الليل / للشاعر عبد السلام فيزازي ,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- Sep 30, 2024
- 2 min read

مقام الليل..
قالت الارض للسماء،
في رحمي
يقيم الليل مثل أي أجنة..
ولولاه لما تأمل الخلق
جمالك في زحمة المجرات ..
هيا،
اسأليني أيتها السماء المتبتلة
ليلا عما يبحثون فيك..!
اسألني أيها العشاء الأخير ..
اسألني بربك عن خميس الأسرار،
أنا الذي بحثت في ورشة الليل
كيف نامت عيون الحواريين؛
ولم ينتحب المسيح في ظلمة
الطين ..
قالوا ذاق طعم الموت،
وقال الصليب للسماء،
كوني الفافا لهم
وسيبقى
المستحيل ينتظر القيامة في
بهاء ..
عجبا ما رأيت العشاق ينامون
في كهوف اللاجئين،
وحدك
أيها القمر تطارد الأحبة
حين يجن الليل،
ووحدك
ترى كيف يخلو كل حبيب
بحبيبه بين ليل نابح
وأجراس ترسل صوتها الباكي
باحثة عن أنثى تنتظر
عاشقا يرتاد غربتها..
الساعة الحائطية وحدها من يفضح
الليل؛
فلماذا إذن
دقاتها تطارده وتذوب في فراغه ..؟
من يدري،
قد تذوب في قلب الغيوم.!
لست أدري.. لست أدري،
قد يكون الليل غضبة من السماء،
أم تراها تدثرت في سواد الليل
كي تغير لون السماء،
وينتفض الموتى،
فيخرجون من قبورهم
حفاة حائرين..!
آمنت رباه
أنني كنت في الظلام
لولا
تكبيرات جدتي في أذني
التي أعادتني للحياة..!
صدقوا حين قالوا:
" إن العين إذا عودتها النوم
اعتادت،
وإذا عودتها السهر
اعتادت ".
جاثما تحت أغصان الليل،
تكلست الحقيقة في مضيق الفؤاد؛
تبا لظلمة همست لي
أن لا تعانق زرقة السماء
يا ابن الأرض،
فدونك رماد الذاكرة؛
رفقا بها من خطوات العابرين؛
تذكر أنك ركبت صهوة
الطفولة حين اتخذت من الليل،
الصمت لغة ترفض الكبو،
فباسم الحب لا تغتصب أبجدية
البلاغة ..
ألم تبح لي يوما أن النهار يبدأ
من حيث ينتهي الليل ..؟
رأيت في المنام رموش الليل
يولد منها الفجر،
أينك "لوركا" حين لثمت القمر
منتشيا بشظايا الغمام..؟
تبا لليل أسلمك للفجر
فكانت طلقة الرصاصة
عروسا في ثوب عشتار ..
ما هم ملامح قناص استهوته
فوضى تنكرية ..!
كنت تعلم أن الليل كان ما تبقى
من الغواية
قبل أن تنتعل الرحيل..
في الليل
يلامس الأنام أحلامهم،
يرسمونه
جدارية خالدة، ويطلقون فيه
العنان للأحلام والهذيان؛
يشاغبون متعة التحليق بلا حدود ..
يحاولون الرتق بين السماء والارض،
ويستريحون تاركين التمرد للحروف ..
فتتعطل لغة الكلام ..!
يركبون عناد الرياح
تاركين وراءهم حقائبهم
ويتيهون .. يتيهون ..
كم من قلم جف فيك أيها الليل!
وكم من عروس ذابت
أحلامها في قلب ذاكرتك
المتسكعة في دهاليز ..!
المجهول ..!
*- من ديواني :
" مدارج البوح"
Comments