top of page
Search

مسرح الرهانات الجندرية في مواجهة الموروثات القبلية / مقال للفنان والناقد / حسام الدين مسعد / مصر,,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • Writer: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • Apr 22
  • 3 min read



مسرح الرهانات الجندرية في مواجهة الموروثات القبلية .

بقلم/ حسام الدين مسعد

★★★★★★★★★★★★

في قلب المجتمعات العربية، تتشابك السلطة القبلية مع هيمنة النظام الذكوري، حيث تُصاغ الهوية الجندرية ضمن سرديات مغلقة، ويُفرض على الأجساد أن تلعب أدوارًا نمطية تحت تهديد العار والتهميش. في هذا السياق، تبرز النسوية والجندر ليس فقط كقضايا اجتماعية، بل كرهانات جمالية وفكرية يمكن للمسرح أن يتبناها ويفجر من خلالها بنى العنف الرمزي والسلطة الذكورية. لكن، ما الذي يجعل من المسرح وسيلة ناجعة في هذه المواجهة؟ وكيف يمكن استثمار هذه الثنائيات المتصارعة (الأنوثة/الذكورة – التقاليد/التحرر – الجسد/السلطة) في بناء عرض مسرحي ينتج معرفة، ويغير وعياً؟

- هل الجندر مجرد قضية اجتماعية أم أنه مدخل لتحرير المسرح من سلطته الذكورية؟

العديد من الأصوات تنظر إلى قضايا الجندر باعتبارها مشكلات حقوقية معزولة عن بنية الفنون. لكن المقاربة الحجاجية تكشف أن الجندر ليس فقط سؤالًا اجتماعيًا، بل هو مفتاح لكشف عمق البنية الذكورية التي تُشكّل حتى آليات التمثيل المسرحي، من اختيار النص إلى توجيه الجسد على الخشبة،فالمسرح التقليدي أعاد إنتاج الأدوار الجندرية كما رسمتها المجتمعات الذكورية، حتى في أشكاله "التقدمية". فالممثلة غالبًا ما تُحصر في أدوار الأم أو العشيقة أو الضحية. لكن عند مقاربة الجندر، يتحول الجسد من "موضوع" للتمثيل إلى "أداة" مقاومة، ويصبح المسرح نفسه ميدانًا لإعادة تشكيل تمثيلات الأنوثة والذكورة خارج القوالب الجاهزة.

وهنا يثار السؤال هل يمكن للأيدلوچيا القبلية أن تقيد التعبير الجندري؟ أو بمعني آخر كيف تُسهم القبلية في تقييد التعبير الجندري على المسرح؟

-القبيلة ليست مجرد بنية اجتماعية، بل آلية رمزية لإنتاج الهوية، يُعاد عبرها إنتاج النظام الأبوي من خلال العرف والسمعة و"الشرف". هذه البنية تنسحب حتى على الفنون، حيث يُنظر إلى المسرح المشاكس للثوابت كفعل تمرد يستحق الإقصاء.

-علي سبيل المثال في مسرح الشارع أو المسرح النسوي، نجد مقاومة متكررة من الجمهور المحافظ أو السلطات المحلية، لأن العرض المسرحي الذي يطرح قضايا الجندر يُخِلّ بنظام التراتب القبلي. فالمسرح، إذًا، يصبح أداة صراع، وصوتًا لمن لا صوت لهم، يُجابه النظام الرمزي الذي يجعل من الجسد الأنثوي "موقعًا للعار"، أو من الجسد غير المطابق "خطرًا على السلم المجتمعي"،ليثور السؤال الفني بأي آليات يمكن للمسرح أن يُفكك المجتمع الذكوري لا أن يعيد إنتاجه؟

هنا ننتقل من التساؤل الأخلاقي إلى السؤال الفني. فهل يكفي أن نقدم "نصوصًا نسوية" أو "شخصيات كويرية" ذات هويات إنسيابية،لا تعترف بجوهر واحد،ولا بدور اجتماعي،او هوية جنسية مقوٌلبة جاهزة للإستهلاك المجتمعي، لنفكك البنية الذكورية؟ أم أن الأمر يتطلب تفكيك أدوات المسرح نفسها: الإخراج، النص، العلاقة مع الجمهور، توزيع الفضاء، وحضور الجسد؟

المسرح ما بعد الدرامي، والمسرح الجسدي، ومسرح الشارع، قدّموا نماذج لتجاوز التمثيل التقليدي، عبر كسر الخطاب الخطي، وتحرير الجسد من الرقابة، وإشراك الجمهور كعنصر فعّال لا كمراقب فقط. هنا لا يصبح "التحرر" موضوع العرض، بل بنيته نفسها، لكن تبقي إشكالية يثيرها السؤال التالي،هل يمكن استثمار الجندر والنسوية في المسرح دون الوقوع في الاستعراضية أو التبسيط؟

تُتهم الكثير من العروض المسرحية التي تتناول الجندر بأنها تقع في فخ التكرار، الخطابة، أو المتاجرة بالقضايا دون عمق حقيقي. فكيف نُنتج عرضًا جندريًا يُحدث صدمة معرفية لا مجرد تعاطف عاطفي؟

الرهان هنا على الرؤية الإخراجية والبحث المسرحي. لا بد من مسرح يتعامل مع الجندر بوصفه سؤالًا فلسفيًا وجماليًا، يُستثمر عبر أداء الجسد، صمت الشخصية، المراوحة بين السرد والتشظي، وليس فقط عبر الحوار المباشر أو تقديم الضحية.

ـأخيراً:

إن التفكير في الجندر والنسوية ليس ترفًا فنيًا، بل ضرورة سياسية وجمالية في مواجهة بنية مجتمعية قائمة على إخضاع الجسد وتثبيت الهوية ضمن أنساق صارمة، والمسرح، حين يتحرر من سلطة التقاليد، ويعيد النظر في أدواته، يستطيع أن يكون مكانًا لتفجير الأسئلة لا تكرار الإجابات، ولمساءلة القبلية والذكورية لا التكيف معهما. إنه، باختصار، مسرح الجسد الحر، والهوية المتحولة،

١١


 
 
 

תגובות


موقع فنون الثقافي

©2024 by موقع فنون الثقافي . Proudly created with Wix.com

bottom of page