قصة قصيرة / عاصمة قلبي / لأادارة صحيفة فنون الثقافية / الكاتبة انتصار الحسين / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- Oct 15, 2024
- 2 min read

عاصمة قلبي:
/ بقلم انتصار الحسين.
جلست تدندن، وشعرها المثقل بالغبار لا يكاد يرفعه الهواء.
تشابكت في خصلاته الذهبية أعواد مكسرة وبقايا أوراق شجر، بينما تجلس على كوم من الحطام.
عيناها الزرقاوتان كالبحر، تتلاطم فيه الأمواج وكتل الدموع، لكنها لا تبدي البكاء.
ثوبها الأبيض يهفهف بالهواء، وجسدها النحيل يعكس بحثها عن الشهداء بين الركام.
لو كنت شاعرة، لكتبت في وصفها ألف ديوان؛ شعراً غزلياً وملحمياً يبدأ برموشها التي تجرح كالسهام.
اجتمعت فيها قوة البأس وانحناء الظهر، فهي أم تدفن أبناءها في كل نهار.
لسان حالي يقول لها: إلى ماذا تنظرين؟ ولماذا هذا السكون؟
لماذا أنت جامدة؟ ألا تتألمين؟ ألا تصرخين؟
انطقي، يا قطعة من حجر ثمين، انطقي، يا شجرة الزيتون والياسمين.
(يا عاصمة قلبي وقلوب المولّهين)...
طال صمتها، وفي داخلها أنين، جمالها الفاتن وشعرها الذهبي تشابك مع بقايا الحطام.
وجهها الذي تلطخ بسواد الدخان، ينطق صخور، ولكن الآلام لا تتحدث.
.......................... لماذا لا تتحدثين؟
قالت: الصمت أولى، فليس من الحميد أن تنادي، خذوا بحقي، فإن الشهامة لا تحتاج إلا نداء.
أنا التي دفنت في أرضي
جدهم، لعلهم ينتمون.
وأنا التي علقت من شعري
كي لا يصلبون
وأنا التي حملت السهام عنهم
كي لا يصلهم بأس الظالمين.
اليوم أبناء عمي أحلوا قتلي، يطعنوني بعدهم جراحي.
ألا يخجلون؟ كم شيعت من أبنائي؟
تبا لهم، ألا يتألمون؟
فلما أقول آه ولما أبدي الألم؟
من تهزه صرختي؟ من أبناء عمومتي؟
سأصمت وأنظر إلى الحطام، وأظل ألد الضحايا.
سأعتز بتربية أولادي شجعاناً، فالأرض
أرض عز لا تُظام.
سأدع عارها لأبناء عمي، فقد أصبحوا أقزاماً.
رضخوا الحكام، تطبعوا وباعوا عروبتهم، وليس فيهم شهم همام.
ختاماً، ختمت كلامها: حسبي الله، ما عدت إلا أحد ألتفت.
ثم عادت وذهبت بعيداً بنظرها، تعود لتدندن.
بلهجتها الدارجة
خصره رقيق وبالمنديل.. يلفونه.
سبّل عيونه ومدّ يده على رأسي.
خصره رقيق وودعني ومش ناسي
واجتمعن حولها أمهات الشهداء يرددن اهازيج الفخر.
Comments