قراءة في المجموعة الشعرية / وجهي لايشبهني / للشاعر الحبيب المرموش / للناقد بلقاسم بن سعيد/ تونس ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- Nov 10, 2024
- 2 min read
السرد الجذاب و الوجود المرتاب
في مجموعة "وجهي لا يشبهني!!"
ل: الحبيب المرموش
بقلم:

" وجهي لا يشبهني!! " مجموعة قصصية جديدة
للأديب الحبيب المرموش تتنزل ضمن مسار الكتابة لديه و الموسوم بالحفر عميقا في غربة
الكائن و هيمنة الإغتراب على الذوات التي تجترح مكانا لها على الأرض بما فيه من أتعاب
و آلام و مشقة و جودية.
هذه المجموعة فيها الكثير من التواشج شكلا و
مضمونا مع الإصدارات السابقة شعرا و نثرا للمؤلف حيث ظل وفيا لأدواته و عدته السردية
المتمثلة شكلا في شعرية المواقف وآعتماد السخرية السوداء و البحث عميقا في خفايا
نفوس أبطاله و الإشتغال على آلية الإستبطان
لتعرية دهاليز الذات و ترسباتها،و مضمونا في
الإحاطة بحيوات شخوص أقاصيصه من غرباء
البسيطة ومهمشيها و صراعاتهم التراجيدية مع
واقعهم الذاتي و الأمراض المجتمعية التي تقض
مضاجعهم.
السرد في مجموعة " وجهي لا يشبهني!! "يتأسس على شاعرية عالية،يلج الوجدان بكل
سهولة ليستحوذ على الذوات المتقبله،سرد يتأسس على الوصف الدقيق و الحس الرقيق
الذي يمسك بتلابيب القارئ و لا يترك له المجال
لقطع القراءة و متابعة أحداث و إنفعالات و
تموجات القصة و إنعطافاتها منذ بدايتها إلى
منتهاها يقول مثلا:( وحيد في المقهى الوحيد/و
حيد في المقهى البعيد/كتاب ملييء بالدموع/و
حيد حد الذبح/أقلب رخام العمر على طاولتي
الوحيدة/يضمني الحزن و الضياع/يحطبني الحلم من سنين/و صوتي معلق من أنامله في
طرف الضوء/وحيد منذ آلاف العيون البعيدة/
جمرتي لا تغفو و أنا الرماد/وحيد كغيمة في علبة
كبريت)ص111.
لقد نجح المؤلف في صياغة بساطة آسره في
نسج القصص حيث يتميز بتحويل الأحداث
العادية إلى قصص تهز العقل و الوجدان بطريقة
سرده التي يتسرب إليها في الأغلب البعض من
تجاربه الشخصية و الذاتية و توظيفه لذائقته
الفنية المشبعة بشتى الفنون لتكسب أقاصيصه مسحة شاعرية في تحكم فريد،حيث لا إفراط في التهويمات الذهنية الفضفاضة و التحليق
المجاني في الأخيله التي تقتل ألق الحكى أو
السقوط المدوي في التناول المباشر للأحداث
و العاري من كل جمالية مطلوبة في فن السرد
و لتأكيد ما ذهبنا إليه نورد هذه الفقرة حيث
يقول:(..في تلك اللحظات الضائعة من حياتها
الخاوية تمسك المرأة المنفعلة كل ليلة بقبضتها
باقة الورع و التقوى التي نبتت في قاع قلبها
و تقتلعها من جذورها،تبعثرها،تفتتها.ثم تغرقها في يم مشاعرها المحطمة و لا تنام )ص76.
أخيرا أقول أن هذا الفضاء لا يسمح بالإستفاضة
و الإتيان على كل ما تحفل به هذه المجموعة
من إظافات نوعية في سرد جذاب و رائق . ولكن
هذا لا يمنعنا من القول أن عصامية المؤلف
جعلته في لهاث مستمر من أجل إنماء زاده
المعرفي والثقافي و ملاحقة كل ما تفرزه السردية
الحديثة من إبدالات ترتقي بفن السرد و الكتابة
عموما،و كذلك لإحداث تراكم ما و لتجويد
كتاباته من أجل ترسيخ أقدامه في عالم الأدب.
コメント