رؤية في موضوع الرواية الادبية / مقال للكاتبة أسيا الجوهري / الصين ,,,,,,,,,,,,,,,

عادة ما تكون الكتب العادية جامدة مكتوبة بحروف صماء ، لا تنطق إلا بما هي عليه ، و لكن الرواية كلماتها حية تتنفس هوس القرّاء و تتغذى على فضولهم تنطق بما هو مخفي وراء سطورها ، أما ثلاثية أسفار مدينة الطين لم تكن مجرد حروف حية تتنفس بل كانت واحة غنّاء تسرق ألباب القرّاء فتشدهم إليها وكأنهم عطشى يحومون وراء سراب يحسبونه ماء وإذا ما أقتربوا وجدوا أنفسهم في عالم لا يمكنهم الفكاك منه ، ما هو بواحة في قلب الصحراء ولا هو بجنّة غنّاء إنما هو عالم الكلمات و لعبة الحروف و عبقرية الكاتب ، لطالما تعودتَ يا سعود السنعوسي أن تشدنا إلى رواياتك بطريقة تعجب لها الأذهان ، لقد تلاعبت بالشخصيات فدمجت الكاتب بالمكتوب ليلتقيا على سِيف شاطئ الكلمات و قد عبرا التبة لأجل هذا اللقاء الممهور بتوقيعك ، لقد ألغيت الحدود الفاصلة بين الكاتب وشخصيته الروائية لتجمعهما في واقع لا يمكن تصديقه ، كنتُ كلما قرأتُ رواية غريبة السرد أقول في نفسي لن أجد كاتب مثل من كتبها ولكنك يا سعود السنعوسي حطمت سقف توقعاتي بتمردك على الخيال فتجاوزتَ حدود الكتابة بطريقة سردية عجيبة ، كثيرون أولئك الذين يسردون القصص ولكن نادرا ما تجد كاتب يتميز بعبقريته في الكتابة مثلك، و أظنه لا يوجد سعود سنعوسي آخر يمكنه زرع الحقيقة في رحم الخيال لتولد رواية لا تشبهها الروايات حيث لا حدود لسطوة البحر في عبور الأزمنة و لا حدود للتلاعب بأذهان القراء فيجبرهم على الغوص في تبة طويلة في بحر الكلمات ليجدوا أنفسهم عبروا الأزمنة مشدوهين ، لقد استحضرتَ التاريخ الكويتي من تلك التبة التي حسبناها خيالا واهيا نتج من هوسك بالكتابة الإبداعية ، لكنك تمكنتَ من سرده بطريقة يتعجب لها النقاد وكيف لهم أن ينتقدوك وأنت من تجرّد من السردية العادية لتُخضِع الخيال لسطوتك الفكرية و تجرده من استقلاليته عن الحقيقة فألبستها إياه و أكسبتها حلة جديدة وكأنها فاتنة كويتية ممشوقة القامة بظفيرتيها المتدلية على كتفيها وقد أخفت وجهها اللجّي تحت بوشيتها استحياءً و هي متلفعة بعباءتها السوداء لتخفي نفنوفها الربيعي الذي يسطو على فتنتها و كأنها عبرت التبة من ذاك الزمن الجميل لتتشكل على هيئة كلمات فتتمثل في صورة رواية تسرد التاريخ ، لقد سطوتَ على التاريخ أيضا عندما كتبته ممهورا بالخرافات و هلاوس الصاجات في ذاك الزمان ، عبرت التبة قائلا لا تلعب مع أم حدب و الحقيقة لا تلعب مع سعود