دراسة نقدية للمجموعة القصصية خالي فؤاد التكرلي للقاص خضير فليح الزيدي/ للناقد يوسف عبود جويعد / العراق ,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- May 21
- 3 min read

دراستي النقدية للمجموعة القصصية خالي فؤاد التكرلي للقاص خضير فليح الزيدي المنشورة في جريدة الحقيقة ليوم 21-5-2025
تقانات حديثة في ... خالي فؤاد التكرلي
َدراسةو نقدية يوسف عبود جويعد
المجموعة القصصية "خالي فؤاد التكرلي" للقاص خضير فليح الزيدي، كتبت بلغة سردية فنية عالية الدقة، حيث تحمل تلك اللغة الكثيرمن المضامين، الظاهرة والمضمرة، فهي تارةً تميل الى الأدب الساخر، وأخرى الى لازمة متداولة من اللهجة البغدادية المتداولة، أو مثل معروف، أو جملة متناصة مع قصة أو رواية من أجل التذكير، أو ما يدور في خلد المؤلف من أفكار، أو انفعال، أو حزن، أو فرح، ومن كل هذا وغيره استطاع المؤلف أن يصنع لغة جديدة بتقنيات فيها الكثير من المعالجات الفنية، أضافة لذلك فإن هذه المجموعة تدور في فلك عملية فن صناعة القصة القصيرة، فالكثير من النصوص القصصية تشير في عنونتها ومحتواها الى هذا الاتجاه مثل "وعكة نفسية" و"وتاريخ مشوه عن قصتي الأولى" وحتى قصة "خالي فؤاد التكرلي" فإنها نحت هذا المنحى.
وبالرغم من أن القصة القصيرة "خالي فؤاد التكرلي" هي آخر القصص في هذه المجموعة، ولكني وجدت أن أتناولها قبل غيرها لأهميتها، ونجاح المؤلف في استحضار الكثير من التقنيات الحديثة في كتابتها، منها بنية العنونة التي تحمل الكثير من التأويلات، وأهم تلك التأويلات، أن المؤلف عمد الى إحياء التراث الادبي لأدبائنا الكبار، فقبل ذلك كانت له رواية تحت عنوان "بنات غائب طعمة فرمان" التي يقدم من خلالها هذا الارث الكبير لمؤسس الرواية الحديثة في العراق، وكما أشار في احد نصوصه في تلك الرواية، عندما دخل الروائي المطار في بغداد، ووقف أمام ضابط التحقيق فسأله عن أسمه قال: أنا الروائي غائب طعمة فرمان، الا أن ضابط التحقيق ظل يجهل هذا الاسم الكبير، حيث قال له: أنا لا اعرف من يكون الروائي غائب طعمة فرمان ولا اعرف ماهية الرواية، وهكذا نجد أن المؤلف يقوم بمهمة أدبية وثقافية وانسانية واخلاقية بإعادة التذكير بهذا التراث الادبي الثر، فلجأ الى تلك العناوين، حيث نجد في هذه القصة تناصاً واضحاً بل نقلاً لبعض من مشاهد القصة القصيرة "التنوير" لفؤاد التكرلي وتوظيفها ضمن متن النص، لتكون المنطلق لعملية صناعة قصته، وجعل قصة فؤاد التكرلي، المبنى الميتا قص، وتدور الاحداث بين هاتين القصتين، حيث تدور أحداث قصة "التنور" لفؤاد التكرلي، بمقتل فرحة أخته، ليظهر لنا بطل هذه القصة أبن اخت فؤاد التكرلي المقتولة بتهمة الزنا، وهناك محكمة اقيمت من أجل النطق بالحكم، بتهمة ابن اخت فؤاد التكرلي بقتل الناشر حسن، بعد ستين عاما من نشر هذه القصة، حيث طلب بطل النص عندما اعيد نشر المجموعة المختارة من قصص فؤاد التكرلي، أن يحذف قصة "التنور" كونها تشكل فضيحة لامه باتهامها بالزنا.
وهكذا نجد التراكيب الفنية المتقنة، وقدر المؤلف بالتلاعب بمخيلة القارئ، بهذا التداخل بين القصتين، كما اود الاشارة هنا الى أن المؤلف، استطاع ان يصنع نصاً قصصياً موازياً وقريباً من اسلوب القاص فؤاد التكرلي، وتتم العملية السردية بالتناوب بين النصين، للوصول الى نهاية القصة التي برأت ساحة ابن الاخت وتوجيه الاتهام الى "علي حديدة".
أما قصة "وعكة نفسية" فهي مبنية على مفارقة طريفة، عن كيفية اختبار الذي يصاب بوعكة نفسية، حيث يطلب منه أن يفرغ حوض الماء ، وامامه ثلاث اختيارات، ملعقة ودلو وزجاجة، فبأي منهم يفرغ الحوض، فيقول بطل القصة وهو كاتب قصص مسلية: نفرغها بالدلو، الا أن الحل ليس كذلك، بل بسحب سدادة المجاري لتصريف المياه، وهكذا يكون هناك سرير بانتظاره.
ونجد في هذه المجموعة متوالية قصصية لثلاث قصص هي: "البنت الكبرى1 " و"البنت الكبرى 2 " و"البنت الكبرى3" وهي أحداث متصلة ومتواصلة تدور بين زوجين، فالزوجة تعشق الثقافة والادب، وتحب قراءة الروايات والعالمية منها، وتقتني الكتب بشكل مستمر، حتى لا يكاد هناك مكان يخلو من تلك الكتب وحتى تحت السرير، الامر الذي يثير حنق الزوج وينزعج من ذلك كونه، عكسها تماماً فهو لا يحب الكتب ولا يحب قراءتها، وهكذا تدور الاحداث في هذه المتوالية، فيترك زوجته، بينما تعيش الزوجة بين احلامها واحداث تلك الكتب وتتخيل نفسها بطلة لكل رواية، بعدها يكتشف الزوج أن زوجته على حق، ويعود اليها نادماً، الا أنها تفاجأه بمقولتها "بان مساحة الكتب تعاظمت في غرفة النوم ولا يسع السرير غيرها، فلا مكان لك مطلقا".
أما قصة " ..... ثم جارك" فهي تقدم لنا الاحداث بنمط الغرائبية، إذ يلجا بطل هذا النص الى الاصغاء الى جاره وهو يحدثه، بعد ان قرر الابتعاد عن كل المحبطات التي تجلبها قنوات البث ووسائل اخرى، وهكذا يستمر الى الاصغاء الى جاره وهو يحدثه من خلف الجدار ، وتدور الاحداث وفق سياقها الفني، إذ ان المؤلف لا يغفل عملية صناعة القصة وفق سياقها الفني المطلوب واشباع المتلقي بمتعة السرد، من خلال تلك اللغة الحديثة، لنتفاجأ أخيراً ومن خلال زوجة بطل القصة وهي تقول: " – جارنا مات منذ سنة، وزوجته غادرت البيت مع أطفالها، وليس سوى الجرذان خلف الحائط هذا"
المجموعة القصصية "خالي فؤاد التكرلي" للقاص خضير فليح الزيدي، تحتوي الكثير من التقنيات والمعالجات الفنية الحديثة، وعملية فن صناعة القصة القصيرة.
من اصدارات دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع لعام 2025
Comments