دراسة نقدية لرواية رياح خائنة للروائية فوزية حمزة / للناقد يوسف عبود جويعد/ العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- Oct 9, 2024
- 3 min read

دراستي النقدية لرواية رياح خائنة للروائية فوزحمزة المنشورة في جريدة البينة الجديدة ليوم 9-10-2024
فضاء السرد الحر الواسع في... رياح خائنة
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
رواية "رياح خائنة" للكاتبة فوز حمزة، تعد من الروايات المركبة، في عملية بنائها، وتكوينها، وتشكيلها، لما تحتوي من مساحة كبيرة من الأحداث، وتفاصيل شيقة، فالبؤرة الرئيسة والمركزية في هذا النص، تكمن من خلال بطل الرواية، ياسين، أو آدم، حيث أنه يحمل اسمين ، ياسين من الاب البيولوجي غسان وزوجته عائدة، وآدم من الأب الذي تبناه، الأب الامريكي ايمانويل وزوجته اناليز، الذي سنكتشف ذلك في مدخل الرواية، وهذه البؤرة سوف تفتح لنا آفاقاً واسعة من فضاء السرد، حتى نكاد نشعر أنه الجذر الذي سوف تتفرع منه أحداث وحكايات تتعلق ببطل الرواية والشخوص الثانويين الذين تجمعهم صلة مع بطل النص والسياق الفني للأحداث، لأننا سوف نسبر عوالم الشخوص وحكاية كل واحد منهم، والصلة التي تجمهم ليكونوا ضمن سياق المبنى السردي لهذه الرواية، وبالرغم من أن الرواية كتبت بنمط الواقعية النقدية، الا أننا سوف نجد الغرائبية تغلف أحداثها، فلم تكن عملية انتقال البطل ياسين من أبويه الاصل، الى الاب الامريكي، جاءت بشكل تلقائي، أو بعملية لا تخلو من أحداث ساخنة وعجيبة.
قسمت الروائية الرواية الى فصول معنونة تحمل أسماء شخوص الرواية، الأمر الذي يشعر فيه القارئ بأنه سوف، يتابع رواية "بوليفونية" متعددة الأصوات، لكن الامر غير ذلك، إذ أن من يدير دفة الاحداث هو ياسين والراوي العليم بالتناوب وحسب مقتضيات وضرورات السرد، وتتخلل هذه العملية السردية دخول الاشخاص انفسهم ليواصلوا عملية السرد في بعض الاحيان.
وبالرغم من كون غسان وعائدة هما من العراق، لكنهما يسكنان في بلغاريا مدينة صوفي، وأن ايمانويل وآناليز هما من الولايات المتحدة الامريكية، ولاية تكارتا الشمالية، وسنتابع نمو الاحداث الفرعية بشكل متوازٍ مع حركة الاحداث المركزية التي تخص تفاصيل حياة ياسين، وهكذا يتأكد لنا بأن الروائية استطاعت أن تنطلق بالأحداث وتوسع فضاء السرد، مع السيطرة التامة لمجرى الاحداث بشكل منطقي، حيث سنتابع تفاصيل العلاقة العاطفية التي نشأت بين ايمانويل، واناليز، من خلال تردد ايمانويل على المتجر الذي تعمل فيه اناليز، وكيفية تتابع الاحداث وزواجهما، الا أننا سوف نكتشف أن اناليز لم تتمكن من الانجاب، مع رغبتها الملحة وحبها للأطفال.
وننتقل أيضاً الى تفاصيل حياة غسان وعلاقتهما العاطفية، وزواجهما، واسباب هروبه من العراق، بسبب انتمائه الى الحزب الشيوعي، ومطاردة الشيوعيون من قبل الحزب الحاكم، حزب البعث آنذاك، الأمر الذي حدا به أن يرافق زوجته ليهربا هروباً غير شرعي، خارج البلاد، حتى استقر بهما الحال في بلغاريا، مدينة صوفي.
إن العملية السردية التي اتبعتها الروائية فوز حمزة في عملية بناء الاحداث وتحريكها لا تخلو من الصعوبة والتعقيد، كونها لا تعتمد على الاحداث الرئيسة في التدوين، وانما بإشراك كل الشخوص الذين هم جزء من الاحداث وبشكل متناوب، مع الاحداث الرئيسة التي يقدمها لنا بطل الرواية، كما أن حركة الاحداث تنقلنا وفق سياقها الفني، الذي جاء منسجماً وفن صناعة الرواية الذي يستلزم استحضار كل عناصر وادوات وركائز بنائها، الامر الذي جعل الرواية تسير بشكلها الصحيح، كما أن الاحداث منذ بدايتها كانت ساخنة وخالية من أي شوائب تحول دون تحقيق عملية حركة السرد المتنامي، حيث سوف نتابع تفاصيل شيقة في عملية انتقال ياسين الى امريكا، كون أن آناليز طلبت من زوجها الامريكي الذهاب الى بلغاريا وبالتحديد الى صوفي لقضاء فترة للتنزه والاستمتاع بالحياة هناك، والصدفة وحدها هي التي جعلت عائدة ام ياسين تدخل المطعم للالتقاء بصديق لها هو المحامي وائل الذي كان مهمته مرافقة آناليز وزوجها ايمانويل، لتعرف انهما من امريكا، وقد كانت امنيتها أن يدرس ابنها ياسين في امريكا، وقد كان معها اثناء دخولها المطعم، في الوقت نفسه كانت امنية اناليز، تبني طفل يؤنس عليها حياتها.
وهكذا نشأ صراع فكري غريب الاطوار ممزوج بأحاسيس شبه مؤكدة بين آناليز التي رغبت بتبني الصبي ابن العاشرة، وكذلك احساس عائدة بأن يلتحق ابنها من خلال هذه الاسرة ليكمل تعليمه، وهو الحلم الذي طالما تمنت تحقيقه، الامر الذي حدا بآناليز أن تطلب من المحامي وائل أن يتدخل لعقد صفقة شراء هذا الصبي، وسرعان ما وافقت عائدة على بيع ابنها الى هذه الأسرة، وسط ذهول وغرابة ياسين من الاحداث التي تدور حوله وتحيط به.
وهكذا ولأهمية هذه الصفقة فقد أخذت حيزاً كبيراً من عملية بناء حركة السرد، حيث تخللتها أحداث ومفاجآت، ومحاولات سرية بين الاطراف من اجل اتمام هذه الصفقة.
وهكذا وبعد أن يتغير اسم ياسين الى آدم، وبعد ان يحمل الجنسية الامريكية، يبدأ الندم والحنين لرؤية ابنها واقصد بذلك عائدة الام الاصل، وكذلك غسان الاب، فيصابان بإحباط وانكسارات نفسية يفارق خلالها غسان الحياة، وتصاب عائدة بمرض السكري، ليعود ياسين بعد غياب اثنين وثلاثين سنة، لرؤية اختيه علياء ولمياء، ومتابعة حالة امه الصحية.
تتخلل هذه الرواية أحداث ومفاجآت كثيرة تثير الدهشة والتعاطف مع ياسين الذي كان ضحية صفقة مادية دافعها الطمع، لكونه يتعرض للاغتصاب من قبل صديقه فرانك الذي ظل يلازمه.
رواية "رياح خائنة" للروائية فوز حمزة، رواية تقدم لنا احداثاً صادقة بسياق فني استطاعت فيه ان تنطلق بكل حرية وتوسع دائرة السرد دون ان تعتمد على الاحداث الرئيسة.
١١



Comments