top of page
Search

دراسة نقدية لرواية الها اخر للروائي عبد الزهرة علي / للناقد يوسف عبود جويعد / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • Writer: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • Feb 11
  • 3 min read



2025

البحث عن الوطن والحرية في ... اخترت إلهاً

دراسة نقدية                        يوسف عبود جويعد

"وستعود هنا الكراهية القديمة لكل من هو خارج القبيلة، إن الدين والأخلاق والاقتصاد والطموح الإنساني كلها أسهمت في تقدم البشرية وتحسين ظروفها، غير أن الغرائز الأولى تظل تعود لتقول لنا إن الحياة من غير عدو ستفقد شرطها الحامي لها ولأمانها الداخلي وهو ما ظلنا نرثه من ماضينا القبائلي، والتصارع لذا هو قانون الحياة، وفي هذا المعنى ليس لنا إلا أن نعزز من دور القانون الحامي للحقوق إضافة إلى البحث عن غايات تحقق للإنسان مبتغاه في التنافس والتحصيل، وهذه مسألة ليست سهلة ولن تحل بمجرد الوعظ الأخلاقي."(1)

رواية "اخترت إلهاً" للروائي عبد الزهرة علي، تنتمي الى روايات تيار الوعي من حيث مضمونها وشكلها وثيمتها، كونها تضعنا أمام تساؤلات كبيرة ومهمة تحتاج الى حلول وليس الى وعظ، كما أشار الناقد عبد الله الغذامي، في كتابه "القبيلة والقبائلية أو هويات ما بعد الحداثة"، تلك التساؤلات التي تضمنتها الرواية تدور في فلك السياسة، الدين، المجتمع، العلاقات الانسانية، والعاطفية منها، كوننا سنتابع في تفاصيل حكايتها، عن علاقة حب ساخن وجارف نشأ بين بطل الرواية "آدم" وهو من الطائفة المسيحية، و"حواء" وهي مسلمة، وهي قد تكون خطوط حمر في الكثير من البلدان الاسلامية وغير الاسلامية، لأنها سوف تصطدم بجدار كبير وقاسي، يحول دون تحقيق الغاية المتوخاة من تلك العلاقة، الأمر الذي حدا ببطل الرواية البحث عن حلول تجعل علاقتهم قابلة للتحقيق في أرض الواقع، إذ إن "آدم" أعجب بجمال وحياء وأخلاق "حواء" كونها تسكن قربهم وهي جارة له، وانشد الى التعاطف معها وظل قلبه ينبض بحبها:

"الجدران تنير درب طويل، تنعكس الأنوار على صور مريم العذراء وصليب عيسى. كل ذلك جعل نوع الحب الذي يغمر قلبي يأخذ مسارات اخرى مع انفتاحات على أجواء أوسع غير الذي تبنيته لحب حواء أخذت ابحث عن حب إله يمنحني التقرب إلى كل الناس، بحيث يكون الماضي جزءاً من مستقبل أريد اتبناه في حب أكبر. فهل الحب الصغير جعلني افتش عن دروب أخرى؟." (ص 19 )

وهكذا بدأت تلك العلاقة وهذا الحب يأخذ طريقه الى العلن، وعرفت اسرة "آدم" تلك العلاقة التي تجد تحقيقها ضرب من المستحيل للاختلاف في الاديان، وتعرض لضرب مبرح من قبل والده، جعله طريح الفراش لأيام، مما حدا بوالدته أن تدخل له الطعام خلسة ودون علم والده، وعندما ازداد هذا الحب في الوضوح وعرفت اسرة "حواء" حضرت والدتها الى بيت عائلة "آدم" مهددة ومتوعدة ورافضة، وطلبت منهم أن يكف "آدم" عن تلك العلاقة، الا أن إصرار "آدم" على مواصلة هذا الدرب الصعب، جعله أكثر قوة وأكثر حكمة، وكانت من الجانب الآخر "حواء" تبادله المشاعر ذاتها، عندما يلتقيان على السطح ويتبادلان القبل الخجولة، وهذه العلاقة نحت بــ "آدم" منحىً فلسفياً، إذ كان دائم التفكير بالحياة والسبب الذي يحول بينه وبين تحقيق امنيته بالارتباط بحبيبته والاسباب الكثيرة والطويلة والمعقدة التي كانت تصد دربهم، واكتشف أن الاحساس بفصل الجسد عن الروح سبب مهم من تلك الاسباب وأن تصالح الروح مع الجسد يجعل الانسان يردم هذه الهوة ويقترب أكثر، إذا انتمى الانسان لإنسانيته وليس لدينه وطائفته وقبيلته، ويمكن لأي شخص من أي دين سماوي أن يرتبط بمن يحب من أي دين آخر، فالإنسانية في المقام الاول الذي يمنحه هذه الدفق الكبير من اجل تحقيق امنيته!:

"أنا الصبي المسيحي الجميل، الذي يثير فضول كل فتيات المحلة، ببشرتي البيضاء وشعري الأشقر الطويل، وهندامي الانيق وقفت عاجزاً أمام بنت أحد المسلمين الساكن في الزقاق عينه الذي تسكن عائلتي فيه، بيتهم في الجهة المقابلة لمنزلنا ولا يبعد عنا سوى خطوات قليلة كان اسمها حواء جعلتني أهيم بها." (ص 25 )

وتنفتح الرواية رغم قصرها، الى واقع الحياة في البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتوسع أكثر لنكون مع الثورة التشرينية، والبحث عن الحرية، وعن الوطن، ويلتقي آدم بالدرويش وسط زخم الحياة ويتعلم منه الكثير، تشاركه في ذلك حبيبته حواء التي انصاعت برغباته وآمنت بفكرته، التي تشير الى الابتعاد عن تلك المعرقلات التي تحجب رؤيتنا الى الله، والقيود والتقاليد القديمة التي تفرض على الانسان طقوساً يكون عبداً لها واسيراً لها، ويلتقي بـ "حواء" وسط هذه التظاهرات وهي ترسم لوحة لأحد الشهداء ظنها في بادئ الامر له، وتمضي تلك العلاقة قدماً، وهي ترسم طريقاً جديداً، وترحل عائلة "آدم" بعد المضايقات والمطاردات من قبل جماعات متطرفة، يرحلون الى نينوى، وهكذا تمتد المساحة التي منحنا المؤلف لما يحدث في سوح التظاهر، ويلتقيان على الجسر الذي شهد تلك المعارك.

"بعدها طفقنا سوية إلى رحاب السماء... في تلك اللحظة خيل إلي أننا بقينا وحيدين على ضفاف النهر، نهمس بكلمات الصبا، ونضحك بأفواه الطفولة. كنا متشابكي الايادي ونحن نسير فوق الجسر الذي خلا من العساكر والمتظاهرين، بقينا لوحدنا نجري في المكان سعيدين وشاعرين بكينونتنا، ربما اصطفانا الرب الذي اخترناه وعزلنا عن الوجود كله..

- ليس لدي ما أعود إليه، ساكون معك أينما تكونين، فملكات النحل بعد التزاوج تنتحر.." (ص 102 )

رواية "اخترت إلهاً" للروائي عبد الزهرة علي، تزجنا في تيار دهاليز الوعي والفلسفة، لنشارك في حل الكثير من المشاكل الاجتماعية والدينية التي تحتاج الى حلول.

 (1) القبيلة والقبائلية أو البحث عن هويات ما بعد الحداثة – عبد الله الغذامي


١١


 
 
 

Comments


موقع فنون الثقافي

©2024 by موقع فنون الثقافي . Proudly created with Wix.com

bottom of page