top of page
Search

خلق الفرص في الدول المتقدمة وخنقها في الدول النامية/ مقال للكاتب احمد عز الدين / مصر,,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • Writer: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • Apr 3
  • 3 min read



مقال تحت عنوان:-

خلق الفرص في الدول المتقدمة وخنقها في الدول النامية

في ردهات الدول المتقدمة، تتنفس الفرص كما لو أنها كائنات حية، تزهر في كل زاوية، وتترعرع في ظلال الأفكار الطموحة. هناك، يتشكل المستقبل في معامل الأبحاث، وفي قاعات الجامعات، وبين رواد الأعمال الذين يحلمون ولا يُمنعون من تحويل أحلامهم إلى واقع. في تلك الدول، لا يُسأل المبتكر: "لماذا تفعل هذا؟" بل يُقال له: "كيف يمكننا مساعدتك؟". أما في الدول النامية، فإن الفرص تبدو كأرواحٍ محاصرة داخل زجاجة، كلما حاول أحدهم فك أختامها، أُعيد إحكام الإغلاق عليها من جديد.

الفرص تنمو حيث تُروى

في الدول المتقدمة، تولد الفرص من رحم الاستقرار الاقتصادي والسياسات المرنة التي تعزز الابتكار. بيئات الأعمال هناك مفتوحة، لا تُعرقلها البيروقراطية ولا تُثقلها القيود. التعليم ليس مجرد منهج نظري، بل منظومة متكاملة لصقل المواهب وإطلاق العقول نحو آفاق أرحب. المستثمرون لا يهابون المغامرة، لأن القوانين تحميهم، والأسواق تستوعب تجاربهم، وحتى الفشل يُعتبر خطوةً نحو النجاح، وليس علامةً على نهاية الطريق. التكنولوجيا تُستخدم ليس فقط لتعزيز الإنتاجية، بل لخلق فرص جديدة وإعادة تشكيل المستقبل.

على النقيض، في الدول النامية، تكاد الفرص تختنق تحت وطأة البيروقراطية المُتكلِّسة، والفساد المستشري، والأنظمة التي تُفضل الحفاظ على الوضع القائم بدلًا من تشجيع التجديد. يحلم الشباب هناك، لكنهم يُصدمون بواقع يعرقلهم في كل منعطف، حيث القوانين عتيقة، والاستثمارات شحيحة، والتعليم بعيد عن متطلبات العصر. إنهم يُسجنون داخل أنظمة لا ترى فيهم بناةً للمستقبل، بل مجرد أيدٍ عاملة عليها أن تكدح دون أن تسأل عن نصيبها من الحلم. إن المبدعين يُعاملون كعبء على الاقتصاد بدلاً من أن يكونوا محركات له، وتُخنق الأفكار قبل أن تولد بسبب انعدام الدعم وضعف البنية التحتية.

بين الأمل والعقبات

لماذا تنجح الأفكار في الغرب بينما تموت في مهدها في الجنوب؟ ليس الأمر وراثيًا ولا قدريًا، بل هو انعكاس لسياسات تُكرّس النجاح هناك وتُجهضه هنا. في الدول المتقدمة، تُعامل الفكرة ككنز يجب صقله، أما في الدول النامية، فهي كعبء يجب التخلص منه. في الأولى، تُفتح الأبواب أمام الباحثين والمبدعين، بينما في الثانية، تُغلق قبل أن تُطرق. النجاح هناك عملية مدروسة تحكمها استراتيجيات طويلة الأمد، بينما في العالم النامي، غالبًا ما يكون النجاح مجرد ضربة حظ فردية أو استثناءً يثبت القاعدة.

لكن الأمل لا يموت. رغم كل العراقيل، لا تزال هناك عقول نابغة تحاول أن تشق طريقها في ظلمة التحديات، تبتكر وتبدع، رغم أن النظام لا يمنحها التربة الصالحة للنمو. هؤلاء هم البذور التي يمكن أن تغيّر واقعًا بأكمله، إن وجدت من يحتضنها. إن العالم النامي يعج بالطاقات الشابة التي تبحث عن فرصة، لكن الفرص لا تأتي من الفراغ، بل تُخلق بوعي سياسي، ورؤية اقتصادية، ودعم مجتمعي.

نحو مستقبلٍ مختلف

الدول النامية ليست محكومة بالفشل، لكنها بحاجة إلى أن تتنفس الفرص كما تفعل الدول المتقدمة. إن تغيير العقلية السياسية والاقتصادية هو الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل. يجب أن تتحول المؤسسات من عقبات إلى جسور، وأن تُستبدل قوانين التقييد بقوانين التمكين. لا بد من بناء بيئات تحتضن الأفكار بدلاً من محاربتها، وتشجع الاستثمار بدلاً من تنفيره. التعليم يجب أن يكون بوابة نحو الإبداع لا مجرد قاعات تلقين جامدة. وعندما يحدث ذلك، لن تبقى الفرص حكرًا على بقاع محددة من هذا العالم، بل ستنتشر كما تنتشر أشعة الشمس في كل مكان.

خلاصة المقال

في الدول المتقدمة، تُخلق الفرص كما يُصنع المستقبل، بينما في الدول النامية، تُخنق الأحلام قبل أن تتبلور. الفرق ليس في الموارد، بل في الرؤية، في الإرادة، وفي الشجاعة على كسر القيود التي تُكبّل الإبداع. عندما يتحول الفكر من عقلية المنع إلى عقلية التمكين، ومن سياسة القمع إلى ثقافة الاحتضان، ستزهر الأحلام في كل مكان، وستتحول الدول النامية من ساحاتٍ مغلقة إلى ميادين مفتوحة على إمكانيات لا حدود لها.

بقلم / احمد عزيز الدين احمد

كاتب وروائي وشاعر

 
 
 

Comments


موقع فنون الثقافي

©2024 by موقع فنون الثقافي . Proudly created with Wix.com

bottom of page