top of page
Search

 حين يرتجف القلم من صدقه"/ مقال للكاتبة سلوى أدريس والي ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • Writer: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • May 10
  • 2 min read



 حين يرتجف القلم من صدقه"

في زمنٍ باتت فيه الكلمات تُسكب بغزارة على الصفحات، وقد تفيض فيها العناوين البراقة والمضامين الراكدة، وجدتُني أطرح سؤالًا بسيطًا بداخله شرارة تمرد:

هل شعرتَ يومًا بالخوف من نصّ كتبته بيدك؟

سؤال وجّهته إلى أصدقائي الأدباء في تدوينة مقتضبة، كنت أبتغي من ورائها استطلاعًا حقيقيًا، لا مجاملة فيه ولا تورية.

لكن معظم الأجوبة التي وردتني لم تتناول ما قصدته بالسؤال، بل دارت حول الخوف من القارئ، أو من المجتمع، أو من سطوة النقد.

حينها شعرتُ أن المسألة أعمق بكثير من مجرد رهبة استقبال.

إننا – نحن الكُتّاب – نخاف ممّا نكتبه لأننا نخاف من أنفسنا، نخاف من صدقنا، من مرآتنا الداخلية، من بوحٍ قد يُفقدنا أقنعتنا.

تساءلتُ بعدها، وأنا أتأمل هذا الكمّ الهائل من الكتب المطبوعة:

هل يمكن أن تكون أغلبها محض أكاذيب مغلّفة؟

أكذوبة التعبير الصادق؟

أكذوبة البوح الشفيف؟

أكذوبة الرأي الحرّ؟

هل صارت الكتب صفحات مبلّلة بحبرٍ سرّي لا يظهر منها سوى قشرة المعنى، أما اللبّ فيبقى قابِعًا في ما يسمّونه "بطن الشاعر"؟

هل الكتابة اليوم نوعٌ من التورية الجماعية، نتوارى فيها وراء اللغة، لا لبلاغتها، بل لنتفادى بها مواجهة ذواتنا؟

من هنا، بدأ يتشكّل داخلي يقينٌ مُرّ:

أن الأدب، بكل سموّه، قد لا يملك قوة اختراق المجتمع كتلك التي تملكها الرذاءة بأشكالها كافة.

فالرذاءة لا تخجل، لا تتوارى، لا تخاف.

من يمتهنها لا يعرف شيئًا عن الرقابة الذاتية، أو عن الضمير.

يكتب ويتكلم ويفعل دون أن يتوقف لحظة ليسأل: "ماذا سيقولون عني؟"

وهنا، بالذات، تكمن قوته: في انعدام الخوف.

أمّا نحن، الأدباء، فنهزم أنفسنا قبل أن نكتب الكلمة الأولى.

نتزيّن بثوب الكِبرياء، ولكننا نرتعد في لحظة البوح.

نتقزّم في دواخلنا، ونرتجف أمام صراحتنا.

نصير كتّابًا صغارًا في برج وهمي، نخشى أن تنزفه الحقيقة أو تطيح به رياح الصدق.

بالنسبة لي، أقولها دون تردّد:

أريد أن أكتب حتى آخر قطرة حبر، حتى آخر نبضة وعي، حتى آخر خفقة قلب.

لا أدّعي أنني كاتبة كبيرة، ولا أطمح إلى أن أترك بصمة خالدة، لكنني، رغم ذلك، أرفض أن أُبقي كلماتي سجينة صمتي.

سأكتب، حتى وإن جفّ القلم أو هُدر الدم.

لأن الكتابة، في النهاية، ليست مهنة ولا وسيلة... بل خلاص.

 
 
 

Comments


موقع فنون الثقافي

©2024 by موقع فنون الثقافي . Proudly created with Wix.com

bottom of page