تحليل نقدي لقصة حريق للروائي اياد خضير / قراءة نقدية للروائي علي البدر / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- May 10
- 2 min read

علي البدر والتحليل النقدي لقصة:
"حريق" القصيرة جدًا للقاص أياد خضير الشمري
القصة:
تصاعدتْ ألسِنَةُ اللهب وامتدّتْ أذرُعُ النار، تنهشْ بمخالبها محتوياتِ السيارةِ المركونةِ في الشارع. أنا وصديقي، ننظرُ إليها من بعيد. وبعد أن انتهى صديقي من تصويرها بجهاز الموبايل، أتضح بأن السيارة تعود إليه. أصابه الذهول وراح يعدو كالمجنون إلى مكان الحريق.
التحليل النقدي:
يحمل العنوان دلالة مباشرة وحادة، ذات طابع مأساوي ومثير. "حريق". ليس مجرد حدث عارض، بل هو رمز لانفجار داخلي أو خارجي، ومفتاح لقراءة الانكشاف المفاجئ لومضة سردية، تعتمد على التكثيف، والاقتصاد اللغوي، والمفارقة، والدهشة. وأي دهشة أغرب من قفلة تبهرنا بأن الشخص يصور سيارته المحترقة.
القفلة إذن دعوة لنا للانتباه للبعد الاجتماعي التضامني مع الوسط الذي نحن جزء منه. وسَطٌ انساني يبعدنا عن الأنانية التي تعمق شعور اللاتضامن وترسخ الاغتراب alienation الذي يعيشه الإنسان المعاصر، حيث تنفصل الرؤية عن الواقع، وتغدو الكارثة الذاتية مجرد مادة للتصوير والمشاهدة وعدم المبالاة. مفارقات لا تنتهي. أشخاص يهرعون لنجدة ضحايا انفجار أو انقلاب سيارة مثلا بينما ينشغل آخرون بسرقة محتوياتهم الثمينة.
لغة مباشرة متقشفة موحية بضمير المتكلم:" أنا وصديقي.... "، ما يضفي طابعًا واقعيًا وذاتيًا على القصة، ويخلق تواطؤًا مع القارئ في لحظة الدهشة، و منحت الحدث ديناميكية وتوترًا متصاعدًا، خلال أفعال مثل: " تصاعدت، امتدت، تنهش، أصابه، يعدو" ورموز مثل الموبايل الذي يُمثل الوساطة التقنية بين الإنسان والواقع. الصديق يصوّر بدل أن يشارك أو يتفاعل، مما يشي بعالم يُشاهِد فيه الإنسان مأساته وكأنها فيلم.
ألسنة اللهب: استعارة مكنية: صُوّرَ اللهب بإنسان له ألسنة.. "أذرع النار": استعارة مكنية أيضًا: صُوّرت النار بكائن له أذرع تمتد. "تنهش بمخالبها"، كوحش مفترس له مخالب ينهش بها. استعارات تُضفي طابع الرعب والحيوية على النار، وتحوّلها من ظاهرة طبيعية إلى "كائن شرس" يحطم ويؤذي.
أما التشبيه فنجده باستعمال حرف الكاف : "كالمجنون" لربط حال الصديق عند ركضه بحال المجنون للتعبيرعن الانهيار النفسي والذعر. ونجد في القصة حالة التناقض الدرامي dramatic contradiction عندما يتحول المصور الى ضحية، وهذ تحذيرٌ في غاية الذكاء والمسؤولية. أجل لا ينبغي أن نكون ضحية لأنانيتنا وأن نتعظ من تجارب الآخرين.
القصة إذن، ببنائها المكثف وبمفارقتها الصادمة في إثارة دهشة القارئ، وفي تسليط الضوء على مفارقات العصر الحديث، قصة عن التأخر في الوعي، وعن حقيقة لا ندركها إلا عندما تصبح رمادًا. انها دعوةٌ للتلاحم والغيرة والتفاعل الوجداني بين أفراد المجتمع، ضمن الكيان الاجتماعي نفسه، سواء أصدقاء، جيرانًا، أو أبناء حيّ واحد أو ضمن الوجود الإنساني في أي بقعة إنسانية. لابد من نبذ التبلد العاطفي والأنانية المبطّنة المقنّعة بالحياد، التي قد تكون أخطر من العدوان الصريح، لأنها تنخر روح التضامن من الداخل.
جميل أن يكون الأدب محفزًا للشعور بالمسؤولية والتضامن الإنساني ونبذ الأنانية، وهذا في الحقيقة مفهوم وجدته خلال تتبعي لكتابات القاص والروائي والناقد أياد خضير الشمري وغيره من الأدباء.
تحياتي والورد.
علي البدر Ai Albadr
Comments