تحليل نقدي في قصيدة أحزان نخلة للشاعر جبار الكواز / للشاعر علي البدر / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- Dec 21, 2024
- 3 min read

علي البدر
والتحليل النقدي لقصيدة "أحزان نخلة" للشاعر جبار الكواز
تعبرني الغيومُ
فلا أرضعُ من ثدييها
وتمرُّ بي الانهارُ
فلا أسقى من فراتِها
وتمسُّني الآبار ُ
تأكل عروقي حطبًا للاملاح
تأوي اليّ
الطيورُ
العصافيرُ
الفواختُ
الحمائمُ
العقائقُ
الهداهدّ
الدورياتُ
وأحيانا
نَسرٌ شاختْ جناحاه
فوزّع ريشاتٍه
على دفاترِ الشعراءِ
يهدّدُني الحطابُ
كلَّ موسمِ قطافٍ
رطبي حشفٌ
وعرجوني شائخٌ
كحرفٍ مسماريّ
كرباتي أكلتْها الارضةُ
وفسائلي أيتامٌ
في مرجِ العاقولِ
كلّما هزّتني ريحٌ
سقطتْ أسناني
وكلّما عطشتُ
ماعَ لساني
لم يعلمني فحلُ النخلِ
ابي
المشيَ وراءَ السلطانِ
ولم يدرسْني
الحفاظَ على ظلالي
من صيفِ القتلى المغدورين
ما زلتٌ صماءَ
بكماءَ
ارسمُ إشاراتي
كلمات
غفلا عن عيونِ
مخبريّ الحقولِ
لا تسألْني من أنا؟!
ما صنفُ دمي؟!
وأين مضاربُ أهلي الميْتين؟
فلقد
رسمني رسامٌ إنكليزي
عام1901
وآختارني هندوسيٌّ
لأكون زينةَ كتابِه المقدسٍ
هو أعني-الهندوسي-
قُتِلَ في (الرارنجية)
وكتابُه سرقُه لقلقٌ مهاجرٌ
الى بلادِ( السند)
أما صورتي الفوتوغرافيةُ
فقد مزّقها
فلاحٌ عراقيٌّ
لم تعرفْه الشَرِطَةُ السريّةُ
حين غابَ كفصِّ ملحٍ
في
صحراءِ
الشومل.
التحليل النقدي:
قصيدة "أحزان نخلة" للشاعر العراقي جبار الكواز هي نص متشبع برمزية مكثفة، حيث تصبح النخلة صورة رمزية للوطن، للإنسان المغلوب على أمره، وللأمل المكسور. القصيدة تتعامل مع عدة أبعاد وجودية وثقافية وسياسية، لكنها تتميز بنبرة سوداوية تبدو وكأنها تنزع الحياة من جذورها، مما يخلق حالة من اليأس الذي يفتت الطموح.
تحليل نقدي
البعد الرمزي: "Symbolic dimension"
النخلة هنا تمثل العراق، أو الإنسان العراقي الذي يعاني من أعباء التاريخ والواقع القاسي. هذه النخلة لا تتمتع بمياه الأمطار ولا بنهر الفرات، وهو تصوير صريح للحرمان الذي يتعرض له الإنسان رغم الثروات الطبيعية المحيطة به. هذا الانفصال بين الموارد والقدرة على الاستفادة منها يعكس صورة لواقع مأساوي يعاني من الفساد وسوء الإدارة.
اللغة والصور الشعرية : Language and Poetic Imagery
الكواز يستخدم لغة مليئة بالمجاز والصور الحية، مثل:
• "تعبرني الغيوم فلا أرضعُ من ثدييها"
• "تمسني الآبار تأكل عروقي حطبا للأملاح"
هذه الصور تعكس شعورًا بالخذلان والعجز. النخلة، التي عادة ما ترتبط بالخصب والعطاء، تتحول إلى رمز للعقم والفقدان.
النبرة والسوداوية:Tone and Melancholy
النبرة العامة للنص سوداوية بشكل حاد. يظهر الشاعر حياةً بلا أمل، حيث "الرطب حشفٌ" و"عرجوني شائخٌ"، مع استخدام عبارات مثل "فسائلي أيتام" و"كلما عطشتُ ماع لساني"، وهي إشارات إلى فقدان المعنى والقدرة على الاستمرار.
النقد الموجه نحو السلطة والمجتمع:
تعبر عن رفض التماهي مع السلطة، كما يتضح في:
• "لم يعلمني فحل النخل أبي المشي وراء السلطان".
هنا يتضح أن النخلة/الشاعر تتبنى موقفًا معارضًا للاستبداد، لكنها في ذات الوقت تعيش في عزلة غير منتجة، مما يعكس أزمة المثقف أو الإنسان الواعي في مواجهة الظروف المحيطة.
النهاية الرمزية:
ينتقل النص في نهايته إلى سرد تاريخي-رمزي، حيث يُذكر الشاعر كيف رسمته يد رسام إنجليزي عام 1901 وكيف تحوّل إلى زينة في كتاب مقدس. هذه الإشارات تفتح النص على معانٍ تتعلق بالاستغلال الاستعماري والثقافي. لكن النهاية تستقر على صورة فلاح عراقي يمزق هذه الصورة، وكأنه يرفض هذا الإرث الثقيل، لكنه أيضًا يغيب في صحراء "الشومل"، رمزًا للفقدان والضياع.
الجانب السلبي وأثره:
القصيدة تعبر عن رؤية شديدة التشاؤم، ترفض إمكانية التغيير أو الفعل. هذا اليأس قد يثني القارئ عن السعي والطموح، وهو ما يتناقض مع طبيعة الإنسان في مواجهة التحديات. يمكن اعتبار هذا التشاؤم جزءًا من محاولة صادقة لتمثيل الألم الواقعي، لكنه يفتقر إلى البُعد التحفيزي أو الأمل الذي يعطي للحياة معناها.
رؤية نقدية بناءة:
رغم قوة النص في تصوير الواقع، إلا أنه يفتقر إلى عنصر التوازن بين المأساة والأمل. كان يمكن للشاعر أن يترك بصيصًا من التفاؤل a hint of optimism في النص، مثل استخدام رمزية النخلة التي تجسد في الثقافة العراقية الصبر والعطاء رغم القسوة. هذا العنصر المفقود يجعل القصيدة تقف في صف الهدم دون البناء.
الاقتراح:
إضافة بُعد يعبر عن صمود النخلة رغم العواصف، وتحويل هذا اليأس إلى دعوة للتحدي. على سبيل المثال، يمكن أن يظهر الفلاح العراقي في النهاية كرمز للتجدد بدلاً من الغياب، ليحمل الرسالة نحو الأمل.
الخلاصة:
قصيدة "أحزان نخلة" نص متقن من حيث البناء اللغوي والرمزي، لكنه يغرق في سوداوية تحاصر القارئ دون أن تقدم له مخرجًا. إن تراكم السلبيات واحساس الشاعر بضياع الناس البسطاء وهم في وسطهم الاجتماعي alienation يورث خزينا من الألم وهذا ما لاحظناه في قصيدة الشاعر جبار الكواز. ألم يعكسه reveals it وبصدق بشعره. النخلة تموت واقفة لكنها الآن تعاني، حاول الشاعر عكس معاناتها من خلال منحها بعدا إنسانيًا ضمن عملية أنسنة رائعة personification تُحسب للشاعر جبار الكواز وبكل جدارة.
تحياتي والورد
علي البدر Ali Albadr
Comments