بين العطر والتغريد قراءة وجدانية لقصيدة" تاهت عصافيري" للشاعرة د.ليلى الصيني/ قراءة للناقدة نادية عوض/فلسطين ,,,,,,,,,,,,,,,, بقلم نادية عوض

بين العطر والتغريد قراءة وجدانية لقصيدة" تاهت عصافيري" للشاعرة د.ليلى الصيني.

بقلم نادية عوض

 تقوم قصيدة تاهت عصافيري على خطاب عاطفي شفاف تمزج فيه الشاعرة بين العشق والحنين وتعتمد اسلوبا غنائيا شفافا وصادقا يصغي به القارىء الى نبضات قلب مع انسياب الكلمات.

تبدأ القصيدة بنداء حنون ؛

يا نسمة الروح يا أطياف اشعاري / ويا صباح الندى في وردك الناري ، وهي مقدمة تعبر عن النسمة والقصيده والصباح مما يمنحها مكانة روحية عالية .

تعتمد الشاعرة على صور شعرية ناعمة معبرة تحمل أبعاد رمزية جميلة كما في قولها..شممت فيك عطور الحب قاطبة / فاينع الحب في أنغام اوتاري .

هنا يصبح "الشم" تعبيرا عن الحب وادراكه وتتحول الأوتار الى رمز للوجدان والاحساس مما يضيف بعدا موسيقيا داخليا للنص يتماشى وينسجم مع الجو الغنائي ، وتظهر شاعرية الصورة في الجمع بين الشعور بالعطر و الموسيقى في إطار وجداني موحد .

ما كنت اهواك لولا انت مشتعل / بلّ سحابك في تقبيل انهاري..

في هذا البيت تلتقي عناصر متناقضة الإشتعال والماء مما يمنح الصورة بعدا دراميا جميلا ، أو بمعنى رومانسي ، تعترف الشاعرة بان حبها له ليس امرا عابرا بل به شيئا مشتعلا بالحياة جذابا وحيويا مشرقا ومضيئا كالنار .

بلّ سحابك في تقبيل انهاري؛ تتخيل الشاعرة ان المحبوب كالسحابة وهي كالنهر:

وعندما تسكب السحابه المياه على النهر، لا تمطر فقط بل تعانق نهري و كأنها تهمس اليه وتقبله برفق قبلة عاشق مشتاق ، وكان لسان حالها يبوح ، انت تحيي داخلي شيئا خامدا في لحظة كأنها رقصة مطر ترش رذاذها على وجه النهر ..

تعبر الشاعرة عن الشعور بالضياع في غياب المحبوب حيث تستخدم استعارة العصافير الضائعة وسط الاشجار للتعبير عن الذات الإنسانية المترنحة بين الواقع والخيال .

لو كنت قريبا احن اليوم يا شغفا / لولاك تاهت عصافيري بأشجاري..

لو كنت قريبا مني ،فأنا اشتعل شوقا وحنينا وتخاطب المحبوب على أنه شغفا ،بمشاعر مشتعلة ولهفة دائمة.

لولاك تاهت عصافيري باشجاري ؛ صورة مجازية جميلة سيما وان العصافير تمثل الأفكار ...والأشجار ترمز للنفس والروح والحياة

وكان لسان حالها يقول لو لم تكن موجودا في حياتي لتاهت مشاعري وتنأثرت أفكاري داخلي وفقدت طريقها.

وفي الخاتمة

تلتزم القصيدة بقافية موحدة ( الراء) مما يمنحها موسيقى داخلية متناغمة والمجاز فيها يطغى على التعبير المباشر الامر الذي يعكس نزعة وجدانية صافية .اكثر ما يحسب للشاعرة المرهفة هو الدفىء وصدق الإحساس والتلقائية التي تجعلها تلامس القلب دون تعقيد.

تحمل القصيدة ثراء فكريا وشعوريا وتتسم بالجماليات والتأملات العميقة وتبحر في القاريء الى عالم فسيح من الحب والحنين .

استخدمت الشاعرة صورا شعرية مدهشة تحاكي بها الخيال وتشابيه بلاغية جميلة ابرزت قدرة الشاعرة على التعبير بلغة انيقة

وراقية تعانق القلب والوجدان.

تتجاوز القصيدة الرومانسية التقليدية لتصبح مفهوما شاملا للعشق والشوق الى لقاء المحبوب ،ونجد نص سيمفونية يتمتع بايقاع موسيقي عذب ، في تدفق شعوري اعترافي تسكب الشاعرة مشاعرها بجراة وشفافية عالية لتسجل قصيدة مشحونة بالجمال والصدق العاطفي.

د. ليلى الصيني شاعرة مبدعة تعشق الحرف وتميل إلى سحر الكلمة والتعبير، لديها من الإلهام طاقة تحرك القلب وتنساب حبرا على الورق باعذب صورة....

نادية عوض

تاهت عصافيري

يا نسمة الروح يا اطياف أشعاري

ويا صباح الندى في وردك الناري

شممت فيك عطور الحب قاطبةً

فأينع الحب في أنغام اوتاري

أهواك قالت غرامي أنت يا أملي

فأجمل العشق من أنفاس أزهاري

ما كنت أهواك لولا أنت مشتعلٌ

بلٌّ سحابك في تقبيل أنهاري

لو كنت قربي أحن اليوم يا شغفا

لولاك تاهت عصافيري بأشجاري

فيا وصالي ويا أحلام عاشقةٍ

بجمرة القلب يا أنغام قيثاري

من قال حبك عني يومَ تمنعني

بقُبلةِ الروح يا اشعاع أقماري

عشقت فيك تغاريد الهوى وبها

شحروريَ الصاحي في أغصانِ أسحاري