top of page
Search

النقاء في إنسان/ مقال للكاتبة انتصار الحسين / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

  • Writer: وهاب السيد
    وهاب السيد
  • May 26
  • 2 min read



النقاء في إنسان

بقلم: انتصار الحسين

في زحمة الحياة وضجيجها، كثيرًا ما نغفل عن وجود أرواحٍ نقيةٍ تسير بيننا كنسيمٍ عليل يحمل في طياته صفاءً لا يعكره زمان ولا مكان. من بين هؤلاء، أطفال متلازمة داون، الذين يُطلق عليهم أحيانًا "أطفال الحب"، فهم ليسوا مجرد حالات طبية أو أرقام في إحصاءات باردة، بل هم رسل براءة، يحملون في قلوبهم رسالة إنسانية خالصة، تذكّرنا بأن المحبة هي لغة الروح التي لا تحتاج إلى كلمات.

قبل فترة، انتشر خبر مؤلم عن عائلة تركت طفلتها في مقبرة وادي السلام لأنها تعاني من متلازمة داون. لم يكن هذا الخبر مجرد قصة حزينة عابرة، بل كان جرس إنذار يدق في أعماق ضمائرنا، يدعونا جميعًا لإعادة النظر في نظرتنا لهذه الأرواح الطاهرة. فالعلم يخبرنا أن متلازمة داون هي وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21، تؤدي إلى اختلافات في النمو العقلي والجسدي، لكنهم، في الحقيقة، يحتفظون ببراءة الطفولة وصفاء القلب لفترة أطول من غيرهم.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن أطفال متلازمة داون يملكون قدرة فريدة على منح الحب غير المشروط، وهم كزهورٍ تتفتح في بيئة داعمة ومشجعة، حيث تنمو مهاراتهم الاجتماعية والمعرفية كأغصان شجرة تلامس السماء. إنهم يحتاجون فقط إلى القبول، والكثير من الصبر، وبعض التوجيه، ليتمكنوا من الاندماج في المجتمع، ويعيشوا حياة مليئة بالفرح، والإنجازات الصغيرة التي تملأ قلوبهم سعادة لا توصف.

وللتعامل معهم، ينصح المختصون باستخدام لغة بسيطة وواضحة، ومنحهم الوقت الكافي للفهم والتفاعل، كما أن إشراكهم في الأنشطة المختلفة، ومتابعة صحتهم بشكل دوري، يساهم في تحسين جودة حياتهم بشكل ملحوظ. والأهم من ذلك، أن نبتعد عن الألقاب الجارحة والمصطلحات القديمة، وأن نعاملهم باحترام وحنان، فهم يستحقون كل تقدير وحب.

الحياة ليست ساحة لإثبات التفوق على الآخرين، بل هي رحلة مليئة بالتحديات والاختبارات التي تصقل أرواحنا، وتعلمنا أن نمد يد العطاء بلا حدود.

فللعطاء لذة لا توصف بالكلمات، هو نورٌ يشع في قلوبنا ويضيء دروب غيرنا.

أطفال متلازمة داون يذكروننا دائمًا أن النقاء لا يُقاس بالعقل أو الجسد، بل بالروح التي تعرف كيف تحب، تسامح، وتعطي بلا حدود. فلنكن أكثر إنسانية، ولنمنحهم فرصة ليكونوا جزءًا من عالمنا، فهم يضيفون إليه لمسة من الطيبة، لا تقدر بثمن.

الدين في جوهره معاملة ورحمة، وابتسامتك الصادقة في وجه من يحتاجها قد تضيء عالمًا كاملاً في قلبه. لنكن كما أرادنا الله: رحماء، لطفاء، نحتضن النقاء أينما كان، ونحميه من قسوة الحياة، لأن في ذلك تكمن الحقيقة الأسمى للإنسانية.

 
 
 

Comentarios


موقع فنون الثقافي

©2024 by موقع فنون الثقافي . Proudly created with Wix.com

bottom of page