الحاضرُ المنسيُّ / سرد تعبيري / للكاتبة سامية خليفة / لبنان ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
- وهاب السيد
- Sep 17, 2024
- 1 min read
الحاضرُ المنسيُّ / سرد تعبيري

تتصفح أمسَكَ لتدركَ كم أوراقُه بهُتَتْ؟ تشمُّ عطرَ السّنين يفوحُ من مناديلِ صِباكَ، تصطاد العطرَ المقمّط بضوعِ براءةٍ لامتناهية، تتنقّلُ بين سراديبِ اللاءاتِ المتراكمةِ لتقول لا أو بين جبال التردّد والأماني لتقولَ ليتَ... لو... وتسخر من براثنِ قناعاتِكَ الفارغةِ، لتقولَ بفمِ الآهِ واحسرتاهُ كم خلّفتُ من ندوبٍ!!! أولها صمتٌ مريبٌ أعمى، كبّلَ الحياةَ فأقفلَ أبوابَها، وآخرُها ثرثرةٌ عشواءُ غير مجديةٍ، وإدراكٌ متأخّرٌ دقّ ناقوسَهُ بعد رحيلِ قطارِ عمرِ لم يتركْ لكَ إلّا فتات أصداءِ أيامٍ معدودة، لتدركَ حقيقةَ أن الزّمن قد سبقكَ بأشواط، فأقدامُه لا تكلّ أبدًا، لتعيَ أنَّ في بعض القناعاتِ استسلامٌ يعمينا عن تصفّحِ الحاضرِ بأوراقِه الناضجةِ، وأنّ ما تشمُّهُ منه ما هو إلّا رائحةُ شواءِ الأيّامِ، عدْ إلى حاضرِكَ لا ترجعْ ولا تتقدّمْ، اثبتْ كي ترى ما يضيعُ منكَ!
إن كان لا بدَّ من غدٍ بأوراقٍ بيضاءَ لامعةٍ يحملُ بين جنباتِه إشعاعاتِ شمسٍ دافئةٍ، اعلمْ أنّ حاضرَكَ صقيعٌ وكفى، وأنه لا ريب من غدٍ سيأتي، لكنّهُ مجهولٌ، وأنّ حاضرَكَ المنسيَّ يسطّرُ الغدَ أحلاما في قصائدَ وأنت سارحٌ على أرجوحةٍ تشهدُ اغترابَك عن الجسدِ، أنتَ مجرّدُ روحٍ تطير تارّةً متمدّدةً باتجاه غدٍ شيّدتَ لهُ القصورَ بمخيّلتِكَ الجامحةِ، وطورًا سارحةً باتّجاه ماضٍ يعزلُكَ عن الحاضرِ، الحاضر المنسي اللّامرئي على خريطةِ وجودِكَ أينَ أنت منه أيّها الواجمُ القابعُ في وادٍ بين جبلين؟
سامية خليفة/ لبنان



Comments